من الرحيق إلى العسل
ننظر ونتأمل دائمًا إلى المصانع المنتشرة في أرجاء المدن والمناطق باختلاف منتجاتها.. فهل فكرنا يومًا في مصنع النحل المتنقل وماهية المراحل الذي يمر بها عسل النحل اللذيذ لكي يصبح منتجًا جاهزًا للاستعمال..
في مدونتنا اليوم سنذهب في رحلة متصلة تبدأ عند جمع الرحيق وتنتهي عند إنضاج العسل.
تدفق الرحيق هو الفترة التي يتلقى فيها النحل الاغذية ويجمع الرحيق للحفاظ على الطائفة وتدفق الرحيق هو الفترة التي توجد فيها وفرة في إنتاج الرحيق حيث يجمع النحل فائضًا يتجاوز الاحتياجات الغذائية للطائفة التي يتم تحويلها إلى العسل وتخزينها في الاقراص لتحسين موارد الرحيق لمنطقة ما، يجب أن يكون مربي النحل على دراية بالغطاء النباتي وحالته ووقت الازهار ويتم تحديد الرحيق ومصادر حبوب اللقاح عن طريق أي نحل سارح ولا يقتصر على النحل الكشفي وبعد العثور على مصدر غذائي ثمين سيعود النحل إلى الطائفة ويوصل نتائجها إلى النحل الآخر من خلال “رقص النحل”.
رقص النحل هو مصطلح يستخدم في تربية النحل وعلم السلوك لتعيين نظام اتصال حيواني يتم من خلاله البحث عن النحل أو البحث الاستكشافي تنقل من خلاله النحلة إلى المستقبِلات المتبقية في المستعمرة مسافة واتجاه مصدر الغذاء حيث يمكن الحصول على الرحيق وغبار الطلع اللازم لإنتاج العسل وخلال هذه الرقصات تنبعث مع الأجنحة صوتًا معينًا وتنقل رائحة الرحيق الذي تريد توصيله بموقفه ويبقى المستلمون على اتصال بالراقصة.
كيف يجمع النحل الرحيق؟
لسان النحل المتخصص والمسمى بالخرطوم هو مضخة شفط يمر الرحيق عبر المريء إلى كيس الرحيق حيث يمنع صمام الرحيق من المرور إلى المعدة الهضمية أو البطين ويعد كيس الرحيق في الأساس عبارة عن توسيع المريء ويعمل كغرفة جمع الأطعمة السائلة أثناء النقل ووزن كيس الرحيق الكامل قد يصل إلى 90٪ من وزن الجسم في النحل.
أثناء رحلة العودة إلى الخلية، يضاف اللعاب إلى الرحيق الذي يحتوي على إنزيم الانفرتيز الذي يقلل من السكريات المعقدة إلى السكريات البسيطة والتي هي جزء من عملية التحويل من الرحيق إلى العسل وإذا احتاج النحل إلى مزيد من الطاقة من أجل رحلة العودة إلى الخلية فسيتم فتح الصمام بين كيس الرحيق والبطين مما يسمح للرحيق بالمرور إلى الجهاز الهضمي.
وكعلامة على معرفة النحل الذي يحمل الرحيق فإنه سوف يطير والساقين الخلفية متباعدين.
بعد العودة إلى الخلية، يمرر الرحيق إلى “النحل” ويقوم النحل بفتح الفك السفلي مع ارجاع الخرطوم، وتظهر قطرة من السائل في قاعدة glossa في حين أن نحل المنزل يمد خرطومه بالكامل ويمتص القطرة ويتم تحديد سرعة النقل ومعالجة الغذاء من خلال عوامل مختلفة بما في ذلك درجة الحرارة وعمر النحل وقوة الطائفة واحتياطاتها الغذائية والاستهلاك الإجمالي للطوائف من الرحيق وحبوب اللقاح.
أثناء تدفق رحيق قوي يتم تخزين العسل الناضج جزئيا في عيون القرص على الفور أو بعد عدد قليل من عمليات النقل من النحل إلى النحل أما إذا كان التدفق معتدل أو ضعيف يتم تمرير الغذاء إلى العديد من النحل قبل تخزينه وكلما زاد عدد النحل في السلسلة، كلما كان العسل الناضج أكثر ثراءً في إفرازاته ومن ثم في الإنزيمات.
هل الرحيق هو العسل بصورته الأخيرة أم أنه يحتاج إلى إنضاج؟
الرحيق المعالج جزئيا أو العسل الخام يحتوي على الكثير من الماء لذلك تتم إزالة المياه من خلال التبخر أثناء عملية النضج والتي تنطوي على مرحلتين في المرحلة الأولى يقوم النحل الذي يشارك بنشاط في معالجة الرحيق بضخ محتويات كيس الرحيق الخاص به إلى قطرة مسطحة على الجانب السفلي من الخرطوم ثم ترسمه مرة أخرى وتتكرر هذه الحركة الخلفية بسرعة لمدة 15-20 دقيقة وبالتالي يتعرض السائل للهواء الدافئ للخلية مما يسبب التبخر وبهذه الطريقة، ينتج النحل عسل نصف ناضج يحتوي على حوالي 50-60٪ (بحد أقصى 70٪) من المادة الجافة أما في المرحلة الثانية وتسمى المرحلة السلبية في نضج العسل فتشمل إيداع العسل نصف الناضج في قطرات صغيرة على جدران العيون ج أو بكمية رقيقة على أرضية العين السداسية كقاعدة أساسية يتم ملء 1/4 إلى 1/3 العين ولكن أثناء التدفق القوي أو إذا كان هناك نقص في المساحة ، يتم ملء 1/2 أو 3/4 من كل عين على الفور.
عادة، عندما يكون العسل ناضجًا تقريبًا، يحركه النحل مرة أخرى ثم تمتلئ العيون إلى 3/4 من سعته ويستغرق النضج النهائي من 1 -3 أيام اعتمادًا على محتوى الماء عند وضع العسل لأول مرة في العيون والمستوى الذي تمتلئ به العيون ومقدار حركة الهواء التي تم تحقيقها ودرجة الحرارة والرطوبة النسبية وفي ظل ظروف جيدة، سيتم تخفيض نسبة الماء في العسل إلى أقل من 20 ٪ في حوالي 4 أيام. معدل التبخر من العيون 1/4 كاملة هو ثلاثة أضعاف العيون المملوءة 3/4 كاملة وعندما تتوفر مساحة كافية للقرص تكون بعض العيون أكثر من نصفها ممتلئة ومع تبخر الرطوبة يملأ النحل العيون تاركاً العيون الفارغة لتلقي رحيق أخضر أكثر.
وختامًا إليك نصيحة صديقنا النحال مفادها أنه من المهم أن يكون لديك مساحة كافية من القرص فارغة أثناء تدفق الرحيق لمنع الازدحام..
