كيف يرى نحل العسل
عندما يقوم مهندس ببناء نظام مرئي يتطلب حاسوبًا ضخمًا خلف الكاميرا الرقمية، وعندما نرى الأشياء بأنفسنا ونفهمها، فإننا نستخدم مليارات الخلايا العصبية في نظامنا البصري، الذي يشغل جزء كبير من دماغنا …. وهنا نتساءل كيف يرى النحل الزهور بالأشعة فوق البنفسجية؟ وكيف يرسم خارطة طريقه وما يسمى بـ قدرة الـ GPS الفائقة لديه..
في هذه المدونة سنتعرف على عين النحل وخواصها وكيف ميزها الله بالكثير من الميزات التي تساعد النحل على الرؤية بشكل واضح جدًا يتناسب مع عملها والهدف من وجودها..
يعتبر النحل من الأنواع الأساسية في النظام البيئي حيث يعتمد ما يقارب ٩٠ نوع من المحاصيل الزراعية على تلقيح النحل للأشجار والنباتات للبقاء على قيد الحياة، ومنها اللوز والتفاح والتوت والكرز والأفوكادو والجريب فروت والبرتقال والقرع، ولكن النحل يمتلك أيضاً سلاحاً سحرياً لا يقدر بثمن وهو الرؤية.
يعد نحل العسل Apis mellifera من الحشرات الاجتماعية المهمة في العالم ولهذا أجريت عليه الكثير من الابحاث والدراسات حول نشاط هذه الحشرة وحركتها في البيئة والمعروف أن الحشرات تتحسس للضوء بواسطة أعضاء الحس الرئيسية وهي العيون المركبة والبسيطة وإن الحشرات تستخدم الضوء لتعيين اتجاهها عند الطيران والتعرف على الأشكال والنماذج في الطبيعة كمحفز لنشاطها حيث أن ميكانيكية الإحساس بالضوء في الحشرات هي واحدة اذ أن الطاقة ترتطم بالخلية الحسية ويجري امتصاصها من قبل صبغات موجودة في الخلية الحسية.
لطالما كانت قدرة النحل الفريدة على الرؤية بميزات متفوقة مصدر جذب في المجتمع العلمي، وقبل أكثر من مئة عام أثبت العالم كارل فون فريش والحاصل على جائزة نوبل عام 1973 أن النحل يستطيع رؤية الألوان، إضافة إلى أنه يمتلك قدرة تفوق قدرة البشر في الرؤية حيث يستطيع رؤية الأشعة فوق البنفسجية، وتمنحهم هذه القدرة ميزة عند البحث عن الرحيق، كما أنها ترى العديد من الأنماط التي تميز الزهور والتي لا يستطيع البشر رؤيتها.
وأشار فون فريش أيضًا إلى أن حاسة البصر في النحل تستطيع أن تميز بعض الألوان حتى تلك الالوان القريبة من بعضها البعض مثل اللون الأزرق واللون الرمادي واكتشف ايضا” ان حاسة البصر في النحل لا تستقبل الاشعاعات ذات اطوال تتعدى 650 (Ao ، بينما تستقبل حاسة البصر في الانسان اشعاعات تصل الى Ao 780 إلا أن حاسة البصر في النحل تستقبل الاشعة فوق البنفسجية الموجودة ما بين 300-780 Ao والتي لا تستقبلها حاسة البصر عند الانسان، كذلك ان النحل لا يرى اللون الاحمر وذكر Couvillon (1991) أن النحل يعلم مكان الخلية وأماكن الغذاء بسرعة عند خروجه من الخلية وعند عودته وذلك عن طريق تمييز الألوان والأشكال الموجودة في المكان، وبين الانصاري (1998)، إن النحل يرى الألوان التي تقع اطوال موجاتها بين) 300-650 نانومتر..
وأثبتت دراسة تم اجرائها عام ١٩٩٩ لخمس مواقع بيئية أن تنوع الوان الأزهار هي جزء من استراتيجية النباتات لجذب الملقحات وأن النباتات النادرة تقع تحت ضغط انتقائي من أجل ضمان التلقيح مقارنة بالنباتات الشائعة وذُكر أن النحل من أوائل الحشرات التي عرف عنها قدرتها على تمييز الالوان عن طريق ثلاثة انواع من الخلايا الحساسة للألوان في عيونها وهذه الخلايا تستشعر لصبغة خاصة بالألوان الأزرق والأصفر والأشعة فوق البنفسجية والتي لا يستطيع الإنسان الشعور بها ولكن النحل لا يستطيع تمييز اللون الأحمر ولكنه قادر على تمييز الأشكال الهندسية لذلك فهو قادر على تمييز أشكال الأزهار .
أما في الحالة التشريحية فإن النحل يرى الألوان عن طريق ثلاث مستقبلات ضوئية داخل العين ومن هذه الناحية يشابه النحل البشر الذين يعتمدون في الرؤية أيضاً على مستقبلات ثلاثة حيث يعتمد البشر في تركيبات الألوان التي يرونها على الأحمر والأزرق والأخضر لكن الفرق أن النحل يعتمد على الأشعة الفوق بنفسجية والأخضر والأزرق بينما لا يستطيع رؤية اللون الأحمر ومع ذلك يمكن للنحل رؤية الأطوال اللونية الممتدة من الأحمر مثل البرتقالي والأصفر كما يستطيع النحل رؤية لون لا يمكن للبشر تمييزه وهو “أرجواني النحل” وهو مزيج من الأشعة فوق البنفسجية واللون الأصفر.
كما أن النحل يتميز بالقدرة الأسرع في عالم الحيوان وهي أنه يرى الألوان بسرعة أكبر من البشر بخمسة مرات، لذلك فالنحل يميز كل زهرة على حدة مهما كانت مجموعات الأزهار كبيرة أو مختلطة ببعضها إضافة إلى أن الزهرة يتغير لونها حسب الزهرة وذلك وفق مفهوم “التقزح اللوني” وغالباً ما يكون في طيف الأشعة فوق البنفسجية، لذلك لا يمكن للبشر رؤيته بينما يستطيع النحل رؤيته.
كما أن النحل يميز الأجسام المتحركة ويستطيع الفصل بينها بينما لا يستطيع البشر ذلك كمثال عندما تتحرك السيارة بشكل سريع وتنظر من النافذة إلى حقل من الزهور تراها ممتزجة والألوان ضبابية ولا يمكن للبشر تمييز كل زهرة على حدة في هذه الحالة، بينما النحل لديه عتبة وميض أعلى بكثير فيمكن للنحل رؤية الزهور منفصلة حتى أثناء طيرانه السريع ولهذا السبب يستجيب النحل للأشياء المتحركة أكثر من الأشكال الثابتة، ويستطيع بسبب ذلك تلقيح الزهور المتحركة، ولذلك أيضاً من غير المجدي محاولة ضرب نحلة أثناء طيرانها حيث تستطيع تجنب الأجسام المتحركة بسهولة كبيرة.
كيف يرسم النحل طريقه ويحدد الموقع الذي يريد أن يصل إليه؟
لدى النحل نوعان مختلفان من العيون ولكل منهما وظائف مختلفة، حيث تسمى العيون الثلاثة الأصغر الموجودة في أعلى منتصف رأس النحلة بـ ocelli والمأخوذة من كلمة لاتينية تعني العين الصغيرة وتحتوي عيون النحل الصغيرة هذه على عدسات مفردة تساعدها في الحفاظ على الاستقرار والتنقل، وإنها تمكن النحل من الحكم على شدة الضوء والبقاء في طريق محدد، ويمكن للنحل جمع الضوء ورؤية الضوء فوق البنفسجي مما يساعده على اكتشاف ألوان الزهور فوق البنفسجية وتمتلك النحلة أيضًا زوجًا من العيون الكبيرة “المركبة” التي يمكن رؤيتها بسهولة على جانبي الرأس (يسارًا ويمينًا) وثلاث عيون “بسيطة” صغيرة تسمى ocelli(عوينات)، مرتبة في شكل مثلثي على الجزء العلوي من الرأس ودائمًا ما يكون نحل العسل “مشعرًا” بشكل ملحوظ تحت المجهر ..
وتشمل هذه الشعيرات العيون المركبة كذلك ..
التشريح الخارجي لنحل العسل.
منظر مكبّر لعين مركبة لنحل العسل. الشكل السداسي للعوينات ommatidia يكون مرئي.
كيف يرسم النحل طريقه ويحدد الموقع الذي يريد أن يصل إليه؟
لدى النحل نوعان مختلفان من العيون ولكل منهما وظائف مختلفة، حيث تسمى العيون الثلاثة الأصغر الموجودة في أعلى منتصف رأس النحلة بـ ocelli والمأخوذة من كلمة لاتينية تعني العين الصغيرة وتحتوي عيون النحل الصغيرة هذه على عدسات مفردة تساعدها في الحفاظ على الاستقرار والتنقل، وإنها تمكن النحل من الحكم على شدة الضوء والبقاء في طريق محدد، ويمكن للنحل جمع الضوء ورؤية الضوء فوق البنفسجي مما يساعده على اكتشاف ألوان الزهور فوق البنفسجية وتمتلك النحلة أيضًا زوجًا من العيون الكبيرة “المركبة” التي يمكن رؤيتها بسهولة على جانبي الرأس (يسارًا ويمينًا) وثلاث عيون “بسيطة” صغيرة تسمى ocelli(عوينات)، مرتبة في شكل مثلثي على الجزء العلوي من الرأس ودائمًا ما يكون نحل العسل “مشعرًا” بشكل ملحوظ تحت المجهر ..
وتشمل هذه الشعيرات العيون المركبة كذلك ..
تتم الإشارة إلى العيون البسيطة ocelli الثلاثية بواسطة الأسهم الصغيرة.
وبين Niggebrugge وآخرون في عام ٢٠٠٩ في تجربة على النحل الطليق والنحل المحبوس أن النحل الطليق يتعلم اللون بشكل أسرع من المحبوس وأن سرعة التعليم تتأثر بنوعية الحافز وأن نحل العسل يمكن أن يميز خمسة الوان رئيسية وهي الأصفر والأخضر المزرق والأزرق وفوق البنفسجي والأرجواني ) خليط من الأصفر وفوق البنفسجي ( ويمكن لحشرة النحل تنظيم الألوان المجتمعة مع بعضها لإنتاج ضوء أبيض وعديم اللون لكي تستطيع تمييزه لكن قدرات الرؤية الخارقة للنحلة تذهب إلى أبعد من مجرد رؤية الألوان، حيث يمكن للنحلة أيضًا اكتشاف الضوء المستقطب، يتحرك الضوء المستقطب في اتجاه واحد، ويحدث هذا عندما تشتت جزيئات الهواء من الغلاف الجوي الفوتونات لإنشاء “طريق سريع للغاية” للضوء.
ويمكن لعين النحلة المذهلة مسح ومطابقة أنماط الاستقطاب في السماء، ويعتبر ذلك نسخة النحل من نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، حيث أنهم قادرون على استخدام هذا الضوء المستقطب كنظام ملاحة، وسبب هذه القوة الخارقة هو أن النحل يمكنه استخدام الضوء المستقطب لتحديد الاتجاه حتى عندما لا تكون الشمس مشرقة، ثم يقومون بتوصيل هذه الاتجاهات إلى الخلية وإبلاغ النحل الآخر بالطرقات والاتجاهات، وهذه هي خارطة طريق النحل، وبذلك يمكن للنحل أن يجد طريقه إلى المنزل عن طريق التحقق من نمط الضوء المستقطب في السماء.
ويعتبر ضوء الأشعة فوق البنفسجية، الذي يمكنه اختراق الغلاف الجوي، أمراً بالغ الأهمية في قدرة النحل على العثور على الرحيق، حيث لا يرى النحل نفس لون الزهرة الذي نراه، ويمكن مقارنة أنماط الأشعة فوق البنفسجية على بتلات الزهرة بسطح هبوط حاملة الطائرات، ترشد هذه الأنماط النحلة إلى الهبوط عند مصدر الرحيق، وبذلك يكون النحل قادرًا على اختيار نوع معين من الزهور من حقل الزهور البيضاء، لا يرى النحل الزهور البيضاء فقط، إنهم يرون أزهارًا ذات علامات مميزة للأشعة فوق البنفسجية وبناء على ذلك يتجه النحل إلى منطقة الزهرة التي تمتص الأشعة فوق البنفسجية أولا إنه هدفهم ومجرد أن الزهرة قبيحة بالنسبة لنا، فهذا لا يعني أنها قبيحة بالنسبة للنحلة، أظهرت الدراسات الحديثة أن الأعشاب الضارة أكثر نجاحًا من النباتات الأخرى لأنها أكثر جاذبية للملقحات.
كما تعد رؤية النحل للألوان ذات أهمية كبيرة فألوان الخلايا والنويات الزرقاء أو الصفراء أو البيضاء (والتي يراها النحل بشكل جيد) تعطي إمكانية أكبر للشغالات بعد جمعها للرحيق وحبوب اللقاح وللملكات بعد إتمام التلقيح في الرجوع للخلايا الخاصة دون التعرض للتوهان.
ومن الواجب في محطات تربية الملكات والتي يوجد فيها عدد كبير من النويات أن يراعى التلوين السليم لها بحيث لا تتجاور الألوان المتشابهة وألا يتم التلوين بالأحمر لكون النحل لا يراه، وذلك حتى لا تخطئ الملكات بعد رجوعها من طيران الزفاف وتدخل في غير طائفتها وبذلك يقتلها نحل الطائفة الأخرى.
هل هناك لون لا يناسب ذائقتك ولا تحبه؟ النحل كذلك لديه نفس الانطباع عن اللون الأسود …
من الجدير بالذكر أن النحل لا يحب اللون الأسود حيث أنه يثير النحل ويزيد من عصبيته ولذلك لا يفضل ارتداء الملابس السوداء او القفازات السوداء عند التعامل مع النحل حتى يسهل التعامل معه..
ختاماً:
التأمل في خلق الله يزيد الإيمان ويعظم إبداع الخالق وعظمته وحكمته في قلوبنا..
وقد أبدع الله في خلق هذه الكائنات وجعل فيها خواصًا استثنائية تتناسب مع طبيعة حياتها وطريقة سعيها وجنيها لغذائها ومقدار فائدتها للإنسان فسبحان الذي خلق وسوى وأحسنَ كل شيءٍ خلَقَه..