هل يمكن للنحل أن يعيش في الفضاء؟
يبدو هذا السؤال غريبًا وغير منطقي إذ كيف لهذا الكائن الصغير الذي قد يواجه مشاكلا كثيرة على سطح الأرض أن يتخطى هذه المسافات الضوئية ويتكيف على الفضاء والعيش فيه؟
لهذا السؤال إجابة تجريبية وإن لم تكن قطعية ويعتمد عليها ولكنها تجربة قامت بها وكالة ناسا، إليك عزيزي القارئ مختصر هذه التجربة..
لقد كانت هناك بعثات فضائية قديمة شملت عدة أنواع من النحل منها النحل النجار في عام ٢٠٠٣ والنحل القاطع في عام ٢٠١٨ وكان نحل العسل أول نحل ذهب للفضاء على الرغم من أن الرحلة الأولى لم تكن ناجحة للغاية..
في إحدى الرحلات اصطحب الفريق عدة أنواع من الحشرات وهي الذباب المنزلي وعث كاتربيلر ونحل العسل فكانت النتائج متفاوتة إذ أن الذباب المنزلي والعث تحرك بشكل أسهل في نطاق الجاذبية الصغرى بينما تجنب النحل الطيران وفضل التشبث بالجدران الداخلية.
بعد عدة تجارب ودراسات وفي عام ١٩٨٤ أرسلت ناسا النحل في مكوك فضائي وكانت المهمة تقوم على مقارنة مشط العسل المصنوع من الجاذبية الصغرى مع مشط عسل مبني على الأرض وتم تصميم حاوية للنحل تحتوي على حوض تغذية وثلاثة إطارات خشبية وغرفة طيران صغيرة وفتحة تهوية ومروحة ومسبارين لدرجة الحرارة وامتلأت وحدة التغذية بمزيج من شراب السكر القياسي الممزوج بالأجرام من أجل خلق اتساق شبه صلب للتغذية ولاحظ أفراد الطاقم النحل أربع مرات خلال المهمة التي استمرت ثمانية أيام وكانت هذه الملاحظات كالتالي:
أشارت الورقة العلمية عن المهمة المنشورة في مجلة Apidologie (1985) إلى: “لاحظ النحل العامل يزحف على خليط شراب السكر ويتغذى مباشرة منه وشوهد النحل يؤجج أجنحته في مجموعة بالقرب من مدخل الهواء امتدت مجموعات أخرى من النحل من مصدر السكر إلى منطقة بناء المشط النشط وتمت إزالة النحل الميت من المجموعة من قبل عمال آخرين وإيداعه في منطقة المروحة.”
نجا نحل الفضاء بشكل جيد ومن بين ما يقرب من 3400 نحل عامل وملكة محبوسة في الحاوية، توفي 120 فقط أثناء رحلة الفضاء وتم العثور على حوالي 35 بيضة في الحاوية بعد وضع النحلة في الفضاء ولكن لأسباب غير معروفة فشلت هذه البويضات في الفقس عند نقلها إلى خلية على تيرا فيرما.
عندما يتعلق الأمر برحلة الفضاء التي تعمل بالطاقة النحلية، بدا أن نحل العسل يظهر قدرة ملحوظة على التعلم والتكيف مع الظروف في الفضاء، على عكس الطاقم البشري الذي حصل على الكثير من التدريب مسبقا، لم يحصل النحل على أي تدريب لذلك كان التكيف الذي قام به النحلة مثيرا للإعجاب والتأمل..
في النهاية
نعتقد أن فكرة عيش النحل في الفضاء فكره بعيدة جدا عن التطبيق ولكنها تصور لنا إعجاز الخالق في خلقه فهو فطر المخلوقات الحية على القدرة على المقاومة والبحث عن جميع سبل العيش والتعلم والتكيف قدر المستطاع..
فسبحان من خلق وأبدع وفطر هذه الأكوان وسيّرها على علم من عنده قصرت معرفتنا عنه.